أبرز ما تناولته الصحف اليوم

عاجل

الفئة

shadow


كتبت النهار

لا ندري كم يكون واقعياً أو أمراً مغالياً في الطموحات إن اعتبرنا أن التجربة الناشئة للبلديات في بعض الشمال وبعض أقضية جبل لبنان في مواجهة ومعالجة أزمة النازحين السوريين، بجرأة وإقدام وحزم من دون التسبب بإسالة دماء أو افتعال اضطرابات ذات طابع أمني – عنصري، تقدّم عملياً مفاجأة متطورة للغاية في مسار ترجمة تلك الـ"لامركزية" التي لا بد منها والتي طال انتظارها. ذلك أن من غرائبيات الواقع الداخلي المغرق في أزمات تتراكم تداعياتها الى حدود اختناق بلد بالكامل أن تنبري بلديات مُدّد لها تكراراً الشهر الماضي ولم تصدر بعد القرارات الحاسمة في الطعون النيابية التي قدمت في قانون التمديد الذي يجعلها هياكل متهاوية متقادمة ومفلسة، الى تنفيذ خطط وإجراءات أدّت وتؤدّي الى "إجلاء" وإخلاء مخيّمات للنازحين السوريين المنتشرين بشكل غير شرعي وتحرير بلداتهم ومناطقهم من أثقال وأخطار هذا الوجود فيما استعصت أبسط الإجراءات هذه على الدولة والسلطات وأدخلت لبنان في "حرب" غير مسبوقة مع المجتمع الدولي.

لن نغالي ونضخم الأمور لمجرد أن بلديات تجرأت ونجحت في عدد من مناطق الشمال والجبل في تفكيك مخيمات وتنظيم رحيل النازحين السوريين الى خارج مناطقها، ولكنها ليست مسألة عابرة وتجربة هامشية خصوصاً إذا صدقت التقارير وثبتت صحتها عن عودة النسبة الأكبر من هؤلاء النازحين الى بلادهم لا الى مناطق لبنانية أخرى. ولا ندري سرّ أن تنجح خطوات "بسيطة" اتُّخذت بقرارات متجرئة من بلديات ومحافظين بلا طبل وزمر وتوظيف دعائي وعنصري وإعلامي لأي جهة بعينها فيما تتخبّط هذه البائسة الفاشلة المسمّاة دولة وسلطة، وفي غياب رئيس للجمهورية، في أسوأ امتحاناتها واختباراتها أمام أشد الكوارث خطورةً على الهويّة اللبنانية.

تشكل هذه "العيّنة" المتقدمة لإجراءات تتصل أولاً وأخيراً بالأمن الاجتماعي ومرتكزات الأمن والاستقرار وحماية اللبنانيين، نسخة "طارئة" غير محسوبة في سياق الانقسامات السياسية العميقة حيال أي خطة مطروحة وستطرح لمواجهة انتشار عشوائي مخيف لأكثر من مليوني نازح سوري على الأرض اللبنانية. والحال أن ما يواكب هذه النماذج من إجراءات البلديات، وإن واكبتها مظلة رسمية أمنية ووزارية وإدارية، هو الأهم لجهة العمل الأمني الوقائي والمسوحات والكشوفات التي تجريها بلديات في مدنها وبلداتها وقراها للقاطنين والمقيمين وكل ما يتصل بهذه الخطط الاستباقية، لكونها تقدم على ما لم تقدم عليها السلطات السياسية والأمنية المسؤولة منذ اللحظة الأولى لدخول أولى دفعات النازحين السوريين الى لبنان.

آنذاك، وللمفارقة التي تشبه كارثة اتفاق القاهرة الذي أدّى الى تفجير لبنان بحرب فلسطينية – لبنانية قبل ان تتطوّر الى حرب أهلية ومن ثم تناسلت الى "حروب الآخرين" كلهم، سجّلت السلطة اللبنانية والطبقة السياسية أشد مآثرها فشلاً وإخفاقاً بفعل المزايدات الكارثية التي حالت دون ضبط وتجميع وتحديد ومحاصرة الانفلاش المخيف للنازحين السوريين في كل لبنان، حتى إن أولئك النشامى فشلوا في الاتفاق على إقامة مخيمات عملاقة على الحدود اللبنانية السورية لمنع الانفلاش من التدحرج. ترانا الآن أمام ردة تأخرت 12 سنة فقط ولكن بفعل أمر واقع يجري ارتسامه على الأرض من دون انتظار مزيد من الانتظار العقيم لدولة لن تأتي ولن تقدّم حلولاً جذرية. فما المانع من تعميم هذا النموذج النادر الناجح في بلد لم يعد فيه "مألوفاً" أي اختراق إيجابي ويستسلم ناسه لقدر الفشل والإخفاق؟

الناشر

Mirian Mina
Mirian Mina

shadow

أخبار ذات صلة